نمرُّ في حياتنا اليومية بالكثير من المواقف التي تتطلب منّا الإصغاء وحسن الإنصات وربما تفوت علينا فرص كبيرة وكثيرة لأننا لم نعر الإنتباه لهذا وذاك. وقد كان رسولنا الكريم يصغي للطفل وللجارية الصغيرة وهو قائد الأمة بل البشرية جمعاء. إليكم هذه القصة المذهلة التي حصلت قبل أكثر من قرن ونصف من الزمان ونتج عنها ولادة أفخر جامعة حاليا في العالم وأعلاها مرتبة الا وهي قصة جامعة ستانفورد.
فقد توقف القطار في إحدى المحطات بمدينة بوسطن الأمريكية بأحد أيام عام ١٨٨٤ الخريفية ، وخرج منه رجل وزوجته وهما يرتديان ملابساً متواضعة ، وبخطوات سريعة ، توجه الزوجان إلى جامعة هارفارد الشهيرة وقصدا مكتب رئيس الجامعة وطلبا مقابلته دون أن يكونا قد حصلا على موعد مسبق!
غير أن مديرة مكتب الرئيس رأت من وجهة نظرها أنهما غير جديرين بالمقابلة، وبالتالي أخبرتهما بأن الرئيس مشغول جداً ولن يستطيع استقبالهما ولكن سرعان ما جاء رد السيدة الريفية ذات الملابس المتواضعة حيث قالت بثقة وثبات أكيدين: سوف ننتظره.
وظل الزوجان ينتظران لساعات طويلة وقامت السكرتيرة بإهمالهما عمداً كي يفقدا الأمل والحماس البادي على وجهيهما وينصرفا. ومع انقضاء الوقت وإصرار الزوجين، بدأ غضب السكرتيرة يتصاعد فقررت، أن يقابلهما رئيسها لبضع دقائق لعلهما يرحلان.
وحينما دخل الزوجان لمكتب رئيس جامعة هارفرد العريقة قالت له السيدة: انه كان لهما ولد يريد أن يدرس في هذه الجامعة لكنه توفي السنة الماضية ونريد تقديم تبرع للجامعة لتخليد أسم هذا الأبن.
لم يتأثر الرئيس كثيراً بما قالته السيدة، بل ردّ بخشونة: سيدتي، لا يمكننا أن نقيم تمثالاً ونخلّد ذكرى كل من درس في هارفارد ثم توفى وإلا تحولت الجامعة إلى غابة من النصب التذكارية.
وهنا ردت السيدة بإصرار: نحن لا نرغب في وضع تمثال لإبننا، بل نريد أن نهب مبنى يحمل اسمه لجامعة هارفارد. لكن هذا الكلام لم يلق أي صدى لدى رئيس الجامعة، فرمقهم بعينين غاضبتين وقال: هل لديكما فكرة كم يكلف بناء مثل هذا المبنى؟ لقد كلفتنا مباني الجامعة سبعة ونصف مليون دولار.
ساد الصمت لبرهة ظنّ خلالها الرئيس أن بإمكانه الآن التخلص من هذين الزوجين! ولكن السيدة استدارت نحو زوجها قائلة له: سيد ستانفورد: ما دامت هذه تكلفة إنشاء الجامعة كاملة، فلماذا لا ننشىء جامعة جديدة تحمل اسم ابننا؟ هز الزوج رأسه موافقاً،
غادر الزوجان (ليلند وجين ستانفورد) وسط ذهول وخيبة الرئيس، وسافرا إلى العالم الجديد (كاليفورنيا) حيث أسسا هناك جامعة {ستانفورد} العريقة التي مازالت تحمل اسم عائلتهما وتخلد ذكرى ابنهما الذي لم يكن يساوي شيئاً لرئيس جامعة هارفارد!
من المهم أن نستمع للآخرين، وإذا سمعنا أن نصغي لهم, ولا نحكم على الناس من مظهرهم وملابسهم ولكناتهم وطريقة كلامهم. وكذلك يجب أن لا نحكم على الكتاب من غلافة، ونخسر أشياء ثمينة في حياتنا.
لقد خلّد التاريخ السيد ستانفورد بينما لم يذكر حتى أسم رئيس جامعة هارفارد المغرور والمتعالي.
فلنتعامل مع الآخرين بقانون الرحمة والمبادئ والقيم الأخلاقية الراقية التي وصّانا بها شرعنا الحنيف ولنستمع بإصغاء لكل من أسدى لنا نصحاً أو طلب معروفاً.
دمتم ودام ودكم،،،،
أحدث التعليقات
أحمد الرماح | أبو الأيتام
عدنان بن محمد الفــدّا | أبو الأيتام
أحمد الرماح | ماذا يعني التميز بالعمل الخيري؟
سعود العثمان | أبا راشد قد أتعبت من بعدك
عبدالمنعم الدوسري | بدايات إطعام