نعيش ونرفل، ولله الحمد والمنة، في مجتمع متماسك يعشق الأعمال الخيرية بفطرته السليمة ومتأصله في ذاته السوية حيث يحرص عليها ويبذل الغالي والنفيس من أجل إسعاد اﻵخرين . وقد يتباين حب العمل الخيري المتأصل في النفس البشرية أصلا تبعا للظروف المحيطة به وقد يكون هذا شيء صحي حيث تتظافر الجهود أوقات اﻷزمات .
وفي خضم هذا الكم الهائل من الأعمال الخيرية المتناثرة هنا وهناك بتشعباتها وأهدافها المختلفة، لا بد لنا من وقفة صادقة نحدد بها أولويات العمل الخيري ونخفف من حدة كل عمل إرتجالي قد يكون مردوده سلبيا على المجتمع من حيث لا ندري.
ولعلنا نبدأ بالجمعيات الخيرية التي ننتظر منها الكثير لخدمة المجتمع خدمة نوعية وإحترافية تناسب ما نحن فيه من تطور على كل اﻷصعدة. فالجمعيات الخيرية هي الخط الرئيسي في محاربة الفقر ناهيك عن أنها جهات تساعد وتعين وتشجع على تثقيف المجتمع على العمل التطوعي والذي هو من بدهيات كل الدول المتقدمة .
توجد هناك أكثر من 750 جمعية ومؤسسة خيرية في المملكة وهذا بحد ذاته شيء جميل ولكن الأجمل هو تقوية هذه الجهات وإعادة هيكلتها وبث الروح فيها من جديد لتصبح قوية وفعّالة وأكثر نجاحا بإذن الله تعالى. إذ من الملاحظ أن بعضا من هذه الجمعيات (وأقول البعض لأن التعميم لا يصح) لم توفق بتأدية مهامها المتعددة. أسباب كثيرة أدت إلى هذا القصور منها على سبيل المثال لا الحصر:
- غياب الرؤية والتخطيط السليم
- الضعف الإداري
- التشتت والتخبط في خدمات كثيرة غير متجانسة
- الرتابة والتكرار
- التخبط المالي
- ضعف القيادات
- قلة المردود المالي لمنسوبي الجمعيات
- الكم مهم عند بعض الجمعيات لا الكيف والتميز.
وكي يكون الطرح إيجابيا ولا نركن لدهاليز النقد السلبي، لعلنا نعرّج على بعض الحلول التي من شأنها رفع مستوى أداء هذه الجهات الخيرية. فبادئ ذي بدء يجب أن تكون لكل جمعية خيرية خطة أعمال لمدة 3 سنوات تنطلق من الرسالة والرؤية وتكون بمثابة خارطة الطريق توضح بها توجه الجمعية بشكل عام. تنبثق من هذه الخطة خطة تشغيل سنوي وبإدارة متكاملة يتم من خلالها التركيز على أعمال محددة على أن يتم مراقبة هذه الخطة ومراحلها وبشكل دوري وبتقارير أداء ثابتة كل ستة أشهر. خطة الأعمال يجب أن تكون نتاج لرؤية واضحة ورسالة حقيقية وليست مجرد كتابة على جدران الجمعية. يجب أن لا يسمح للجمعية بممارسة أكثر من ثلاثة أنشطة فالتركيز والتخصص هو أساس النجاح فبعض جمعياتنا تقوم بكل شيء من كساء وإيواء وتزويج مطلقات وعناية بأرامل وطعام وصحة ووو… في نفس الآن . أما العاملون في هذه الجمعيات (وهم أناس أفاضل نذروا أنفسهم لهذه المهمة الصعبة ونرفع قبعاتنا إجلالا لهم) فيتعين على المجتمع الشد على أيديهم وإسداء النصح لهم وحث التجار على مآزرتهم فكيف نطالب بإنجازات مبهرة من مدير جمعية وهو بنفس الوقت مدرس وإمام مسجد وربما مأذون أنكحة…الخ ونعطيه مكافئة هزيلة بنهاية الشهر؟ رئيس الجمعية الخيرية يجب أن يكون أولا متفرغا للعمل ويجزل له العطاء حاله كحال أي مدير شركة بمستواه العلمي والثقافي كي يكون عنده الحافز للإنتاج والإبداع بالرغم أن الكثيرين منهم يأتون لوجه الله ومن الصعب محاسبتهم عندئذ. نتمنى كذلك أن نرى الكشوفات المحاسبية لكل جمعية خيرية معلنة في الصحف المحلية لتكون هناك شفافية تامة أمام المتبرعين ومصداقية كاملة غير منقوصة. ولعله من نافلة القول دعوة الجمعيات للإتحاد فيما بينها والتعاضد ومنع التضارب في المكان الواحد حيث تتواجد أكثر من جمعية خيرية لذات الغرض ولذات الشريحة المستهدفة مما يثقل على المتبرعين ويصيبهم بالإحباط مع تبديد واضح للصدقات والزكوات والجهد.
ولعل هذا الموضوع سيتفرع لمواضيع أخرى كثيرة وذات صلة، ومن باب النأي عن السلبية والرؤية القاتمة، ستتم مناولة مواضيع متعلقة بهذا الشأن وطرح حلولا عملية وبسيطة وقابلة للتطبيق الفوري إن شاءالله.
أدام الله عليكم لباس البر والتقوى،،،
أحدث التعليقات
أحمد الرماح | أبو الأيتام
عدنان بن محمد الفــدّا | أبو الأيتام
أحمد الرماح | ماذا يعني التميز بالعمل الخيري؟
سعود العثمان | أبا راشد قد أتعبت من بعدك
عبدالمنعم الدوسري | بدايات إطعام