تلقيت خبراً هذا الصباح بوفاة أستاذي الفاضل وأخي الكبير والرجل ذو الهمة العالية والمساهمات العديدة والمتنوعة لخدمة مجتمعه ووطنه، الأ وهو الدكتور فؤاد بن فهد الصالح يرحمه الله.
فالموت مصيبة كما وصفه ربنا في عليائه ( فأصابتكم مصيبة الموت ) وخبره صادم ومفجع ولا نقول الأ ما يرضي ربنا فإنّا لله وَإنَّا اليه راجعون.
وحيث أن المناقب والأعمال الصالحة تبقى لصاحبها كذكر حسن في الدنيا والآخرة، دعوني أعرّج على محطات جمعتني مع الراحل إذ نهلت فيها من معارفه وثنيت ركبي لأتلقف نصائحه وتوجيهاته.
إليكم المحطات والخواطر التالية والتي خطها قلبي لا أناملي:
فقد كان دائما ينصحني ويوجهني لعمل الخير وبالذات المشاريع الخيرية ذات الإستدامة والأثر المتعدّي والكبير. فكم أرشدني ونبهني لما نختلي سويا وكان يروي لي قصصا ملهمة في التضحية وخدمة الآخرين.
وقد كان يرحمه الله بعيداً عن الأضواء وينصحنا دوما بالإبتعاد عن هذه الأضواء في العمل الخيري الإ إذا كان هنالك منفعة من ذلك كأن يتأسى بنا الآخرون. فمدرسة الإبتعاد عن الأضواء مدرسة فاضلة وذات فوائد جمة!
ويصر دائما برحمه الله بضرورة أن يكون العمل الخيري مؤسسياً وبعيداً عن الإجتهادات الشخصية وكان يدفع بإتجاه أن تكون المؤسسة الخيرية محوكمة وتعمل بأعلى كفاءة وفاعلية حتى مع تغير الأشخاص!
وكان يرحمه الله يحرص على أن تكون لكل شخص في الأسرة بصمته الخيرية وكان يتابع مشاريع صغار أفراد العائلة كما كبارها ويشجعهم بشكل مهني فهو كان وراء مبادرة ( وسارعوا ) التي أزهرت وأينعت مشاريعا خيرية محلية وعالمية.
وكان فقيدنا يتصل بي بين الفينة والأخرى للسؤال عن مشاريع خيرية جديدة ويشارك ويتعهد بها كاملة دون أن يدري أحد من أفراد أسرته ( فقد كان هذا شرطه ) فأينما وجدت حاجة خيرية نراه قد سبق إليها!
وكان رحمه الله مهتما بالتعليم ويؤمن أن حل المشاكل الإجتماعية يكون عبر بوابة التعليم الجيد والمتوازن. فكان يطرب كثيرا لما يكون حديثنا عن التعليم والمعرفة والإقتصاد المعرفي وكان يتأثر إن رأى شخصا غير موفق بالتعليم.
وكان رحمه الله متقنا لعمله ومهنيا وإحترافيا ودقيقا بشكل كبير حتى أني للتأكد من بعض أعمالي أعرضها أولا عليه فأن هز رأسه بالإيجاب، تأكدت أنها على ما يرام ولا داعٍ للقلق!
وكان شاكراً ومتفائلا على الدوام فكان جوابه الثابت ان سألته عن أحواله هو ( next to perfect ) دلالة على الحمد والرضا وعدم التذمر وأخذ الحياة بصورة رحبة وفرائحية!
فهو ناشراً للفرائحية مبتعداً عن السوداوية في معظم أحواله. فحين نلتقي، كان يسرد علينا قصص الأولين لأخذ العبرة والعظة وبأسلوب مشوق وآسر وجميل ويتلو علينا تجاربه الرائعة في الحياة.
فسبحان من جعل الموت نهاية كل حي ( كل نفس ذائقة الموت ) وهو أنبتنا من هذه الأرض ليختبرنا ويمتحننا ويعيدنا فيها ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ).
سنفتقدك وستفقدك بقاع الأرض التي كنت ترسم لنا فيها الفرح والسرور والعمل الخيري الجميل.
الله نسأل لأبي زياد الرحمة والمغفرة وفسيح عدن ولنا جميعا من بعده جميل الصبر وبالغ السلوان وَإنَّا لله وَإنَّا اليه راجعون. اللهم أجبر مصابنا بأبي زياد وأرحمه في عليين وأربط على قلوبنا جميعاً.
محبك/ أحمد صالح الرماح
أحدث التعليقات
أحمد الرماح | أبو الأيتام
عدنان بن محمد الفــدّا | أبو الأيتام
أحمد الرماح | ماذا يعني التميز بالعمل الخيري؟
سعود العثمان | أبا راشد قد أتعبت من بعدك
عبدالمنعم الدوسري | بدايات إطعام