يوجد بيننا ما ينيف على عشرة ملايين وافد أتوا من أقاصي الأرض بحثا عن سبل العيش الكريم وخدمة لنا وذلك من فضل الله على هذا البلد المبارك. كما أن نسبة كبيرة هؤلاء الملايين هم من السائقين وعاملات المنازل والذين أصبحوا جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية. وحيث أن هذه الفئة أضحت رقمًا صعبا ضمن النسيج الإجتماعي، يتوجب علينا إيجاد الحلول المتيسرة لإدماجهم ( برفق ) في هذا العالم الفسيفسائي.
إن دورة حياة السائق والعاملة المنزلية ( وتسمى إجحافا بالشغالة ) مليئة بمواطن الألم منذ ترك البيت في الموطن الأصلي بما فيه من زوج وذرية وذكريات وأمنيات، حتى الوصول لنا لخدمتنا. في الغالب ، إلا ما ندر، يتم إستقبالهم في المطار بصورة فوقية لا تلامس إنسانيتهم ولا تراعي الظرف العاطفي الذي يمرون به. وعندما يستلمهم الكفيل، تكون هناك معاناة أخرى ( إلا إذا كانوا محظوظين بأسرة تراعي الظروف الإنسانية وتتقي الله فيهم ) حيث يطلب من العاملة لبس ثوب ( الكرف ) اليومي ولا تتخلص من هذه الثياب إلا في حالة مغادرتها لبلدها. أما حال السائق فليس بعيدا عن هذا السيناريو المؤلم. والأدهى من ذلك وأمرّ أننا نطلب منهم أن يكونوا منزوعي الدسم واللون والطعم والرائحة وممنوع عليهم أن يخطئوا أو يرتكبوا اللمم. وهنا تكمن المشكلة إذ كثيرا ما نسمع من مخالفات السائقين والعاملات والتي كان بالإمكان تلافيها بطرق شرعية وبلمسات إنسانية حامية وبسيطة. ففي حالة الطلب من العاملة التوقف عن العمل وأخذ قسط من الراحة حين تعمل أكثر من ثمان ساعات يوميا ستعشق المكان وأهله. وحين نفاجئها بين حين وآخر بأعطية خارج الراتب ستكون في غاية الإمتنان. أما حين نأخذها بين الفينة والأخرى لتكون ضمن العائلة لدى الذهاب لمطعم أو ما شابه ذلك، حينئذ ستعد نفسها ضمن أفراد العائلة وستستحي من أقتراف الخطأ. وينطبق نفس المنهج على السائق.
ولعلي أطرح خاطرة ليست من بنات أفكاري ولكن من رفيق درب وشقيق قلب. فقد أعطاني صاحبي الفكرة التالية:
في الحارة الواحدة يوجد الكثير من السائقين العزّاب ويناظر ذلك الكثير من العاملات المنزليات العازبات. فلو جمعنا بين رأسين بالحلال ووفق الضوابط الشرعية كإستئذان ولي الأمر والتعاقد الرسمي من خلال السفارة لأصبح زواجا شرعيا متميزا. ويتفرع عن ذلك الشروط التي يجب أن يوفرها الكفلاء ومنها تحديد عطلة إسبوعية للأزواج وتوفير المكان الملائم لعش الزوجية. ولا يمنع إشتراط عدم الإنجاب طالما هم في الخدمة بالرغم أن أمامي حالة متميزة حيث تم تزويج العاملات بالسائقين وملئوا البيت الكبير أطفالا ورجالا وأصبحوا من ضمن الأسرة ويدافعون عن الأسرة ويحمون ممتلكاتها وبحماسة فائقة.
من وجهة نظري لو تم تطبيق هذا النموذج المتميز لما سمعنا عن سائق ( نط ) على سور عاملة ولما هربت عاملة وتركت البيت في متاهة وهكذا. إن إيجاد الحلول الشرعية المتيسرة للمشاكل الإجتماعية يخمدها في مهدها ويجعل المجتمع متراص ومتماسك.
أيها السيدات والسادة:
السائقون والعاملات المنزليات هم سفراؤنا في بلدانهم فأجعلوا منهم خير سفراء لنا وأجعلوهم يذكروننا بخير ففي ذلك سماحة وحضارة ورقي ومحبة. دمتم محبين للسلام عاشقين لبناء الأوطان،،،
أحدث التعليقات
أحمد الرماح | أبو الأيتام
عدنان بن محمد الفــدّا | أبو الأيتام
أحمد الرماح | ماذا يعني التميز بالعمل الخيري؟
سعود العثمان | أبا راشد قد أتعبت من بعدك
عبدالمنعم الدوسري | بدايات إطعام