ورحلت الخزاّفة ايفيلين

توفيت امس الخزّافة السويسرية ( صانعة الخزف ) عن عمر يناهز ال ٨٥ سنة. ربما يكون هذا الخبرعادياً وربما يقول القارئ العزيز وما شأننا بالسيدة ايفيلين ولماذا اختار الكاتب خاطرته ليدونهابأسمها؟

جاءت ايفيلين إلى قرية “تونس” والتابعة لمحافظة الفيوم المصرية منذ 46 عاماً، عندما كانت في نزهةببحيرة “قارون“، رفقة زوجها، وجذبت القرية أنظارها، حيث كانت عبارة عن ربوة عالية تكسوهاالخضرة، وبها عدد قليل من المنازل الريفية البسيطة، وخلفها مساحة شاسعة من الصحراء، وأمامهابحيرة “قارون“.

ربما عبرنا نحن وغيرنا على هذا المشهد مرات ومرات ولكن مرور ايفيلين لم يكن مرورا تقليدياً وذكرنيبسقوط التفاحة على اسحاق نيوتن والذي لم يكن سقوطاً عاديا فقد كان سقوطاً مدوياً نتجت عنهمعادلات واستنتاجات فيزيائية ورياضية اسست لحقبة جديدة في علم الحركة. وللمعلومية، فقد سقطتعلى رؤوس من هو قبل نيوتن آلاف الاشياء وسقطت ” البمبره ” على الرؤوس وكان الجواب ” ابكي علىالبمبره وابكي على التينه “

‏نرجع لصاحبتنا ايفيلين والتي توفيت البارحة. فقد قررت في تلك اللحظة شراء قطعة أرض بتلك القرية،وشيدت منزلًا ظلت تعيش فيه مثل باقي أهالي القرية، تُضيء منزلها بـ“لمبة جاز“، وتشرب مياه“الطلمبة“، واستمرت حياتها هناك 10 سنوات دون مياه أو كهرباء، حتى نظمت أول مهرجان للخزفبالقرية والذي جذب انتباه المسؤولين واصبحت هذه القرية حديث المدينة.

‏ومن هنا تحولّت حياة القرية البدائية، حيث تعلّم أهلها صناعة الخزف، وكانت تُشارك بها في معارضدولية كثيرة، حتى ذاع صيت القرية الفيومية في جميع أنحاء العالم، وأصبحت حاضرة في كثير منالمعارض العالمية.

يا ترى، كم فرصة وظيفية صنعتها ايفيلين وكم بيتاً محتاجاً تحول الى مكتفيٍ وكم شخص أمّي قامتبتعليمه وكم وكم وكم؟

وقد زرت قبيل الجائحة قرية متكاملة للايتام في ريف مراكش بناها متطوع سويسري اسمه اوبير وتعاهدان يسكن وزوجته مع الايتام طوال عمره حتى حقق انموذجاً متميزاً من العمل الخيري المبتكر.

ودون الخوض عن نوايا السيدة ايفيلين والسيد اوبير والتي قد تتبادر لذهنية القارئ العزيز حيث انالنوايا عند رب البرايا، هل نتعاهد نحن في هذه اللحظة ان نخلق اثراً في اي مكان وبأي طريقة كانتوليكن شعارنا بهذا ” لما تمر اترك اثرا “؟