أخذتني رحلة مؤخراً في بقاع الأرض حيث مررت ببعض المطارات الدولية وشاهدت قوافل الحجيج وهي تغادر بلدانها لزيارة مكة والمدينة ومظاهر الفرحة والبهجة والحبور تعلو محيّاهم لتحقيق هذا الحلم الذي طالما إنتظروه طيلة حياتهم.
وفي كل مرة أشاهد هذه المناظر الجاذبة والمبهرة، أقوم بسؤال الناس عن شعورهم وهم بصدد هذه الرحلة الإيمانية الأخّاذة فتأتيني إجابات مفعمة بحب الحرمين وبعشق البلد الذي يتشرف بإحتضانهما ولسان حالهم يقول ( هنيئا لك أنك من بلاد الحرمين ) فتتسلل إلى أعماقي خواطر مليئة بالفرحة والإمتنان بأن الله إختار بلدي لتتبوأ هذه المكانة الرفيعة وأي مكانة أعلى وأسمى من إحتضان قبلة المسلمين ومدينة الرسول عليه الصلاة والسلام؟ فهذه نعمة كبيرة من نعم الله ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ).
إن رؤية جموع الحجيج وهم يتقاطرون من جميع أنحاء العالم قاصدين البيت الحرام يجعلني كمواطن أشعر بالفخر والسعادة الغامرة بأن بلدي من يقوم بناصية هذا العمل النبيل خدمة للحرمين وبأبهى صورة.
فأول مشهد بهيج هو ذاك الخاص بإستقبال وفود الحج حيث يبذل المسؤولون في المطارات والموانئ قصارى جهودهم لإستقبال ضيوف الرحمن. كما أن منظر الفرق التطوعية والأهالي الذين يشاركون بهذا المنشط يشعرنا بالسعادة الغامرة.
أما المشهد المهيب الذي أغرورقت عيناي بالدموع لأجله فقد كان تفويج المرضى الذين أصابهم عارض صحي فلم يستطيعوا أكمال المناسك فهذا المنظر يحبس الأنفاس ويسلب الألباب.
وحين زيارة الحرمين، نرى الإبتسامة تعلو وجوه عمال النظافة وهم يقوموا بعملهم بشغف لا يوصف وبروح المسؤولية وحب الخدمة الظاهرة على وجوههم. كما أن رؤية أفراد الشرطة والعساكر وبقية الجهات المسؤولة عن أمن الحجيج تربط لساني فلا أستطيع الا أن أقول جزاكم الله الخير كله فقد كفيتم ووفيتم.
إن إدارة وتفويج الحشود المليونية في وقت محدد وببقعة صغيرة جداً يعتبر من التحديات التي يصعب على أي بلد تحمّلها ما عدا بلد الحرمين الشريفين الذي تمرّس على أداء هذا العمل المبارك وبأزهى حُلّة. كما أن رؤية المملكة ٢٠٣٠ أخذت على عاتقها تحسين الأداء وتجويد الخدمات المرتبطة بالحج وزيادة معدل الكفاءة بشكل لافت.
كما أن الوحدة الإسلامية في يوم الحج الأكبر وبمكان واحد وبلبس واحد عبارة عن رسالة ربانية بأن وحدة الكلمة هي أساس القوة وأداة التمكين.
بلدي بلد الحرمين الشريفين نفتديها بدمائنا وبالغالي والنفيس فهي التي جادت علينا يوم إكفهر الزمان وهي التي أغدقت علينا يوم جف الضرع وهي الحاضنة لكل هموم الأمة العربية والإسلامية وقت الضيق وحين الشدة ولما تدْلٓهمٌ الخطوب ويشط الرأي.
الله نسأل أن يحفظ بلد الحرمين الشريفين ويسدد خطى ولي الأمر وأن يرفع من شأن الأمة الخيّرة التي قال فيها جلّ شأنه ( كُنْتُمْ خير أمة أخرجت للناس ).
أحدث التعليقات
أحمد الرماح | أبو الأيتام
عدنان بن محمد الفــدّا | أبو الأيتام
أحمد الرماح | ماذا يعني التميز بالعمل الخيري؟
سعود العثمان | أبا راشد قد أتعبت من بعدك
عبدالمنعم الدوسري | بدايات إطعام