أستغلُ بعض الجولات والرحلات للدول المختلفة للإختلاط بالطلبة المبتعثين ومعرفة أحوالهم فهذا شغف قديم متجدد. وفي كل بلد أزوره وأتجاذب أطراف الحديث مع طلبتنا أردد في نفسي ( يا ليتني كنت مبتعثاً )!
فالإستثمار البشري الهائل والمميز والذي تقوم به المملكة يندر أن تقوم به الدول الأخرى. فأعداد الطلبة ليس بعشرات الآف بل تجاوز المائة والخمسين ألفاً. ولكل طالب مكافأة مجزية حسب البلد المبتعث إليه. وبالواقع، فأن بعض المكافأت تفوق راتب المهندس الموظف في شركة معتبرة وله خبرة خمس سنين فما فوق! أما الطالبات فهنٌ حكاية أخرى! إذ لا يوجد بلد في العالم يتكفل بمصاريف المرافق طوال مدة الدراسة! أما التأمين الطبي ونفقات الأبناء وإلحاقهم بأرقى المدارس العالمية أثناء الإبتعاث، فالحديث فيه يطول. وإذا رغب الطالب المبتعث بإكمال دراسته حتى الدكتوراة فالمجال له مفتوح والخيارات كثيرة! ويوجد في كل بلد مكاتب كثيرة مهمتها السهر على راحة الطلبة ومتابعة أحوالهم والإستجابة للطوارئ التي قد تحدق بهم!
ولعلي وأنا في غاية السرور والبهجة والعرفان لهذا الجميل الكبير ألفت نظر أخواني وأخواتي من الطلبة والطالبات في بلدان الإبتعاث بخواطر قلبية لا أزال أتمنى أن أخوض غمارها.
فكل مبتعث هو ممثل لبلده في بلدان الإبتعاث. كونوا قدوة وأختلطوا بالمجتمعات الجديدة وأضيفوا قيمة إيجابية وإنخرطوا في مجالات التطوع وعمارة الإرض إن كان ذلك متاحاً وأنقلوا إيجابيات مجتمعنا من قيم وكرم وحسن معشر وجميع الشمائل التي نتخصل بها. فكل مبتعث هو سفير لبلده!
اياكم ونكران النعمة والاكثار من الشكاية والتأفف لأن ذلك يولٌد في النفس جحوداً وسلبية مطلقة لا يستطيع المرء منها فكاكاً. أنظروا لمن حولنا وأشكروا الله على نعمه والآءه الجسام. فكم دولة حولنا كانت في مصاف الدول الراقية والتي لا توجد فيها أمية. أما الآن فهي منحدرة في وادٍ سحيق ومجاهل مظلمة ويتمنون لقمة العيش والأمن والأمان ولا يجدون الى ذلك سبيلا.
سيروا مع الإيجابيين فقط ولا تختلطوا بأولئك السوداويين الذين لا يرون إلا النقطة السوداء في الثوب الأبيض الناصع. فمن يعاشر الملهمين يكون ملهما ومن يعاشر العلماء يكون عالما ومن يختلط بالمتضجرين لا يملأ فاه الا التراب!
ولعل حياة الإبتعاث توجد فيها فرصة كبيرة لتعلم فن إدارة الحياة وتنظيم المصروف وإدارة العائلة الصغيرة ( إن وجدت ) بعيدا عن المؤثرات والتجاذبات الخارجية. فكم من طالب تخرج وكان لديه من المال ما يكفيه لبدء حياة ما بعد الدراسة فقد وقفت بنفسي على حالات متميزة كهذه. ومن المفارقات المضحكة فقد كان بعض الموظفين في الجامعة يقترضون مبلغا من المال من الطلبة! فالمسألة متعلقة بكيفية إدارة الحياة!
أرجوكم أن تستمروا في رحلة طلب العلم فهي لذيذة للغاية بالرغم من بعض التحديات هنا وهناك! فرحلة العلم لا يقدرها الا من فقدها! كما أن نتيجة هذه الرحلة الآسرة والمليئة بالمنعطفات تكون كالبلسم الناجع حين تذكرها بعد فترة من الزمن فتصبح ذكريات خالدة وأخٌاذة. فطعم العلم ألذ من الفالوذنج!
أيها المبتعث:
خذ فأس العلم وأحتطب به ولا تنظر للخلف فالحياة مليئة بمن هم خلفك ويريدوك أن تتقهقر معهم. إنطلق وأسع في مناكب الأرض وزاحم العلماء والباحثين لعل أسمك يلمع ويسطع في الخالدين كالبيروني وإبن الهيثم والخوارزمي فلا شيء يوقفك عن ذلك! فهي سنن الله الجارية ونواميس الكون الماضية. من يعمل يصل والقمة فقط للذين يعملون ويصبرون ويصابرون ولا تتسع للكثير!
لا عذر لأحد من المبتعثين إن لم يأت بأرقى الشهادات العالمية وأعلاها ناصية فالسبل مهيأة والإغداق متعاظم والظروف سانحة.
وأخيراً وليس آخراً، فمهما فعلنا لتسديد هذا المعروف نظل مقصرين! ولعلنا نزيد من شكر الله على هذه النعمة الكبيرة فبالشكر تدوم النعم!
أحدث التعليقات
أحمد الرماح | أبو الأيتام
عدنان بن محمد الفــدّا | أبو الأيتام
أحمد الرماح | ماذا يعني التميز بالعمل الخيري؟
سعود العثمان | أبا راشد قد أتعبت من بعدك
عبدالمنعم الدوسري | بدايات إطعام