سرنديب، جزيرة القمر، سيلان، سريلانكا جميعها مسميات لبلد واحد، ذلك البلد القابع في جنوب شبه القارة الهندية وله تراث ينيف على الثلاثة الآف سنة.
أخذتني مؤخراً جولة لهذا البلد العتيد والذي تبلغ نسبة المسلمين فيه عشرة بالمائة من أصل إثنين وعشرين مليون نسمة ويوجد به أكثر من ستة ألآف مسجد.
توجد في سريلانكا تسعة أقاليم ويتميّز الشرق بالغالبية المسلمة وبالذات مدينة قحطان ذات الأصول العربية ولنا مع هذه المدينة وقفات كثيرة. فللوهلة الأولى من دخول مدينة قحطان يتضح للزائر عمق الثقافة العربية والتمسك بالدِّين والتقاليد. ففي هذه المدينة الصغيرة وحدها يوجد أكثر من مائة مسجد كما أن كل شارع رئيسي مزخرف بأسماء الله الحسنى وألفاظ الجلالة. ومن أغرب ما شاهدت في مدينة قحطان هو القرآن النحاسي إذ عمد أهل قحطان للمحافظة على المصحف من تمزيق الغزاة البرتغاليين بكتابة آياته على قوالب من نحاس لتبقى مدى الزمان.
كانت سرنديب تستعمل لنفي المعارضين وهذه كانت طريقة الغزاة الإنجليز. فقد تم نفي القائد أحمد عرابي لها فكان ذلك سببا في تأسيس أكبر مدرسة عربية آنذاك سميت بالمدرسة العرابية في مقاطعة كاندي ذات مزارع الشاي الأخٌاذة والتي تسلب الأنظار. كما يوجد شارع رئيسي بأسم القائد أحمد عرابي في العاصمة كولومبو.
ومن أشهر المنفيين لها كذلك هو القائد محمود سامي البارودي ذو الأصول الشركسية والذي وقف ضد المحتل الانجليزي لمصر فضاقوا به ذرعا ونفوه لجزيرة القمر ومكث بها أكثر من سبعة عشر عاما جادت قريحته من خلالها بأعذب الأشعار في قصائد بالغة الروعة.
ولعل التجار الحضارم كان لهم النصيب الأوفى والقَدْح المعلّى في
التأثير على الحياة اليومية هناك فأدبيات سرنديب تنطق في كل زاوية عن هذا الأثر الحضرمي البهيج.
يتم حاليا في شرق سرنديب وعلى مقربة من مدينة قحطان بناء أكبر جامعة تمزج بين الهندسة والعلوم الشرعية وكذلك يتم تطوير الفندقة مع الأخذ بالجوانب الشرعية الحصيفة ودون افراط ولا تفريط فأضحت فنادق الشرق من أميز البقع الجغرافية للسائحين الذين يقصدون الهدوء والبحور اللازوردية والسياحة المحتشمة.
وأكثر ما لفت نظري أنه لا تكاد ترى مسلمة في سرنديب حاسرة بل يكسوها حجابا ضافيا وصافيا وبهيآ. أما الأمر الكبير والذي شعرت بالتقازم أمامه هو حفظ أهل سرنديب للقرآن فالحفظ هناك لا يخلو من كل بيت وكل شارع وكل حي وبطريقة نشعر حيالها نحن العرب الذي انزل القرآن بلغتنا بالتقصير الشديد.
ولعلنا نختم بقصيدة مميزة من الأمام الشافعي رحمه الله عن هذا البلد الآسر.
أمطري لؤلؤاً جبال سرنـديب
وفيضي آبار تكرور تبـرا
أنا إن عشت لست اعدم قوتاً
وإذا مت لست اعدم قبـراً
همتـي همة الملوك ونـفسـي
نفس حر ترى المذلة كفـراً
وإذا ما قنعت بالقـوت عمري
فلماذا أزور زيـداً وعمـراً
أحدث التعليقات
أحمد الرماح | أبو الأيتام
عدنان بن محمد الفــدّا | أبو الأيتام
أحمد الرماح | ماذا يعني التميز بالعمل الخيري؟
سعود العثمان | أبا راشد قد أتعبت من بعدك
عبدالمنعم الدوسري | بدايات إطعام