قاسم…..عامل بسيط من سريلانكا يعمل بوظيفة قهوجي في شركة بالرياض. اليكم هذه القصة الملهمة والتي لم تكتمل فصولها بعد. فقد بدأت هذه القصة قبل ١٥ سنة ولا تزال مشتعلة في إطار ملحمي يسلب الألباب ويبعث الأمل في هذه الأمة الخيّرة.
فقد تسلط المدير المباشر وهو من ذات الجنسية ولكنه من ديانة أخرى على صاحبنا قاسم حتى أفقده صوابه فقرر قاسم ترك عمله والرجوع لبلده. وحيث أن قاسم متدين بالفطرة، أراد تسخير عودته لبلده في أوجه الخير، فبدأ بتجميع مبالغ بسيطة من الموظفين لإقامة مشروع خيري في بلده عبارة عن مسجد وملحقاته.
وتمر الأيام ويمر بقاسم شخص أسمه فيصل ويعمل في ذات الشركة. إنتبه فيصل أن قاسم يجمع بعض الأموال البسيطة من الموظفين قبل رحيله لبلده فبادره بالسؤال لماذا تجمع الأموال فقال له أريد أن أبني مسجداً في قريتي فقال له أنا أساعدك بذلك فذكر له قاسم خشيته أن يسمع مديره المباشر فيزداد قسوة عليه، حينها قال فيصل إذا جاء إبني رامي ( مدير عام الشركة ) أذكر هذا الأمر له وبحضور المدير المباشر العنجهي المتصلف وسترى النتيجة. وفي اليوم الموعود جاء رامي فذكر له قاسم موضوع المسجد فشجعه بل بادر بالمساعدة فأسقط في يد المدير المباشر وفغر فاه.
رجع قاسم لبلده وبدأ بتعمير المسجد وبعد فترة وجه الدعوة لأبي رامي لحضور إفتتاح هذا العرس الخيري. ذهب أبو رامي للإفتتاح وأُعجب بالمسجد وبالقرية وبالمناظر الرائعة التي تحيط بالأرجاء. طلب أبو رامي من قاسم البحث عن أرض ليقوم بمشروعه الخيري هناك. وبعد فترة وجيزة تم الحصول على أرض مميزة وبجانب قرية قاسم فقام أبو رامي بشراءها والبدء بتحويلها لقرية خيرية وأطلق عليها أسم قرية الزبير وبدأ بوضع بذور الإستدامة من اليوم الأول فهو لا يؤسس مسجداً ومدرسة فقط بل يؤسس مشروعاً خيرياً مستداماً قادر على الصرف على نفسه. فبدأ بالزراعة المطلوبة هناك وعلى رأسها الشاي وجوز الهند والفلفل الأسود وأضاف الماشية لذلك. بدأت القرية تؤتي أكلها وصارت الأشجار وارفة الظلال وتكاثرت الماشية. وبدأ الأيتام بالتدفق على مدرسة قرية الزبير وعلى المسجد وأخذوا يحفظون القرآن والأحاديث النبوية الشريفة. تنامت الشهية الخيرية فقامت أم رامي ببناء دار لتحفيظ القرآن ثم قام رامي بحفر البئر الرئيسي وتوالى الخير حتى إشتركت الأسرة كلها بهذه القرية فهذا يبني وتلك تشرف وذاك يخطط في سلسلة خيرية آسرة وأخاذة.
ثم توسع الخير أكثر فقام أبو رامي بشراء الأرض الكبيرة المجاورة وقام بتأسيس نواة القرية الثانية وأسماها ( السراجي ) وتمت زراعتها بشتى صنوف الزراعة. وأنضم بقية أفراد الأسرة لهذا المحفل النبيل فهذا يبني مدرسة وتلك تبني عيادة حتى توسعت القرية.
ويستمر العطاء حتى تم شراء الأرض المجاورة الثالثة وتم تسميتها قرية ( معدّل ) نسبة الى أسم أرض قديمة لهم كانت تنتج أطايب التمر. ويتم حاليا تجهيز هذه الأرض لتكون تكملة لأخواتها.
دعاني أبو رامي مشكوراً لزيارة مشروعه قبل عدة سنوات فذهبت خصيصاً لرؤية هذا الصرح المبارك فوجدت نفسي وسط هالة إيمانية قل نظيرها. فهنا أيتام يحفظون القرآن وهنالك نسوة يدرسن العلم الشرعي وفي منتصف الليل يبدأ الأيتام بقيام الليل حتى أذان الفجر وكأنهم خلايا نحل ولهم أزيز كأزيز المرجل! بصراحة، شعرت وكأنني وسط مجتمع ملائكي أحتاج تخصيص عدة أيام في السنة له لتنظيف نفسي من الأدران والأوحال.
لم تكتمل فصول الرواية بعد. فقد تأسى بأبي رامي الكثيرون وبدأوا ببناء قراهم في أصقاع مختلفة من هذه المعمورة أملاً بنشر السلام والوئام في الأرض وخدمة الإنسان وبناء المجتمعات.
نرجع لصاحبنا قاسم. الا ترون أنه له نصيب في كل هذه الإنجازات الهائلة؟ إنه ليس مجرد قهوجي بل ملهم قام بإلهام الكثيرين وسيلهم أكثر! كم من ( القواسم ) يمرون بحياتنا ولم ننتبه لتحقيق حلمهم؟
أضاء الله طريقكم بالمسرات وجعلنا ممن يعمرون الأرض ويخدمون الإنسان.
أحدث التعليقات
أحمد الرماح | أبو الأيتام
عدنان بن محمد الفــدّا | أبو الأيتام
أحمد الرماح | ماذا يعني التميز بالعمل الخيري؟
سعود العثمان | أبا راشد قد أتعبت من بعدك
عبدالمنعم الدوسري | بدايات إطعام