قيل لي أكتب عن العمل الخيري فقلت وما عساي أن أخطٌ بيميني وماذا أسطٌر وهل يراعي سيٌال بمناقب هذا الحقل الأثير؟!
فتجرأت وصغتُ هذه الخواطر التي خطٌها القلب لا القلم ولعلها جهد المقل والذي يدٌعي وصلاً بليلى!
متعة العمل الخيري لا تعدلها متعة! فالممارسون لهذا العمل يتلذذون بجميع تفاصيله وتحدياته والآمه ومآلاته!
فميزة هذا العمل أنه يجري بعروق صاحبه لمدة ٣٦٥ يوم بالسنة ولا توجد به سنة كبيسة! كما لا توجد عطل أو مناسبات إذ هي ساعات الذروة فلا راحة! كما لا يوجد وصف وظيفي محدد! فهو بإختصار:
تسبيل النفس لوجه الله لعمارة الأرض ولخدمة الخلق!
والعمل الخيري لا يعطيك جزءاً منه حتى تهديه كل حواسك وتتجرد له تماما فهو يصحو معك وينام معك وينغرس في وريدك ويتربع على عرش قلبك! فترى العاملين بهذا الحقل كأنهم خلية نحل عنوانها العمل الدؤوب والبعد عن الضوضاء والأضواء فهم في بستان سعادة مستدام. كيف لا والعمل مع المولى جل شأنه!
والمنغمس بالعمل الخيري ليس عنده وقت لغير ذلك، فهذا العمل يتملك كل حواسه ومشاعره فلا يخوض بالترهات ولا تستهلكه الأهواء ولا يستهويه طين الأرض، فهو في رحلة صعود مستدام وتسامٍ ومعراج أثير نحو قمم سامقة ولا يكاد يستقر فوق قمة حتى تتوق نفسه لقمم أعلى وأزكى. كيف لا والمعراج لرب السماوات!
أما الإخلاص فشأنه عجيب و لايفقهه إلا الأريب! فهو الطاقة الكامنة والقوة الجامحة وراء الأعمال الجليلة ومحركها المستدام ولُحمتها وسُداها وينبغي فحصه وتعاهده والتأكد من عدم تلوثه بشائبة شهرة أو بِلُعاعةٍ زائلة من حين لآخر فالقلوب تتقلب والأنفس تتغير! فهو بإختصار قلب المعادلة وقالبها! فقد قال الإمام أحمد: “قل لمن لا يخلص لا تتعب!”
وتبقى الإستدامة الركن الركين لكافة الأعمال الخيرية ومن الظلم إختزالها بعقارٍ هنا أو بأعطيةٍ هناك. إنها رحلة شغف يومية تشمل تجويد جميع الأعمال من توثيق للخطوات وتدريب للعاملين وتهيئة جادة لمجالس الإدارات والنظار، فإستدامة رأس المال البشري هي بيت القصيد وحولها فليدندن العاملون!
وإن كانت هنالك ثمة أمنية، فهي تحويل الجمعيات الخيرية وتلك التعاونية كما المؤسسات المانحة إلى منظمات رشيقة يسودها التركيز وكفى بالتركيز قدحاً معلى ووسيلة عظمى لتحقيق الأثر المستدام!
إن تشظٌي الأعمال الخيرية، رغم جلالة قدرها، وتناثر فسيفسائها في كل حدب وصوب لن تقطع أرضاً ولن تحقق أثراً!
ولعله من نافلة القول التنويه على القطاع الثالث للحرص وبلهفةٍ أكيدة على خوض غمار المعاصرة وتطبيق آخر المبتكرات بحقول الإدارة فذلك سمة العصر وديدن الملهمين مع بقاء الأصالة والقيم. فلا عزاء لمن لا يتطور! والقمم، رغم إتساعها، لا تقبل إلا أولئك الذين لم يدخلوا الصندوق كي يفكروا خارجه! فمن لا يتجدد يتبدد ومن لا يتقدم يتقادم!
ويبقى الأثر الخالد للأعمال الخيرية وقياسه بطريقة علمية ودقيقة ولا تقبل المواربة، هو المجس الذي من خلاله نتنبأ بعظم العمل أو بهزاله! فلا خير في نجوى الكثير من الأعمال إن لم تترك ذلك الأثر المستدام والغرس الأثير الذي يصل إلى سويداء القلوب فيستمر حينها العمل بل ويبقى الأثر!
وختام خواطري هذه بالتعريح على منقبة لا بعرفها الإ الخائضون في هذا المعترك النبيل. فالعاملون في الحقل الخيري يرفلون بنعمة ما بعدها نعمة الا وهي تسخير الله وأختياره لهم ليخوضوا هذا الغمار بينما لم تسنح الفرصة لغيرهم للتنعم بهذه الآفاق الرحبة والسماءآت المرصعة الزاهية. إنها نعمة التسخير الإلهي والهبة الربانية الهائلة. فليحمدوا الله على هذه الآلاء الجليلة والنعم الجلية.
أحدث التعليقات
أحمد الرماح | أبو الأيتام
عدنان بن محمد الفــدّا | أبو الأيتام
أحمد الرماح | ماذا يعني التميز بالعمل الخيري؟
سعود العثمان | أبا راشد قد أتعبت من بعدك
عبدالمنعم الدوسري | بدايات إطعام