خاطرة اليوم: متلازمة الغريب والغربة
١٨ شوال ١٤٣٨، ١٢ يوليو ٢٠١٧
بقلم/ أحمد بن صالح الرماح
( تم كتابة الخاطرة في الماتا، كازاخستان)
أراد أحد الأفاضل بقريتنا الزواج قبل ستين سنة وإكمال دينه في رحلة طهورية فطرية. وكالعادة، إنبرت الأم لتبحث لولدها عن شريكة حياته. ولأن المجتمع كان عفويا وطيبا ومتساعداً، تبرعت إبنة الجيران بالذهاب معهم في رحلة البحث والتقصي والمفاضلة بين الخيارات المطروحة فهي ربما تملك نظرة (شبابية) تجهلها الأم! أستمرت رحلة البحث طويلا (حسب المقاييس السائدة آنذاك) اذ لم يكتب الله لصاحبنا الفاضل الوقوع على الخيار المناسب وبالوقت المطلوب. وبعد طول عناء وخلال جلسة إسترخاء وإستراحة محارب أثناء هذه المهمة، مرّت بهم عجوز وسألتهم مالذي يشغلهم؟ فذكروا لها الحكاية. ثم سألت العجوز عن الفتاة التي ترافقهم فذكرت لها الأم انها بنت الجيران تبرعت بوقتها لتساعدهم! فقالت العجوز توكلنا على الله، نخطب هذه الفتاة لإبنك! إستمرت هذه الزيجة ذات الترتيب الفوري ستين عاما وأثمرت عن أبناء وبنات هم قادة في مجتمعهم وشامة بين أهلهم!
قادتني قصة مشابهة حدثت هذا الأسبوع لكتابة هذه الخاطرة. فقد إستعانت جمعية سفاري الخير في أفريقيا بمترجم للمساعدة في توزيع المساعدات على المحتاجين ولم يخبرهم هذا المترجم الأفريقي بأنه أشد حاجة من الذين يتم توزيع المساعدات عليهم حتى أكتشفوا ذلك بتراتيب قدرية، فقاموا بتجهيز مفاجأة تليق به لمساعدته وتكريمه على نبل اخلاقه وسمو همته.
وبعيداً عن ذلك، فحينما نذهب للتنزه في البر، لا نقتنع بما حولنا من فياض وربيع وترانا نضرب أكباد رواحلنا لقطع الفيافي إذ لا نستطعم الرحلة الا بالتعب والبحث عن المجهول البعيد بينما القريب به كل ما نصبوا اليه!
سبحان الله! لعلها الفطرة الانسانية بعدم الإيمان بالقريب والإيغال بالأخذ من نِحلة الغريب!
ربما تكون الحلول التي نبحث عنها تحت أرجلنا ولكن ….
إنها (متلازمة الغريب) والنأي عن القريب!
ولنا في (وأنذر عشيرتك الأقربين) أعظم توجيه وأسمى توجه!
أحدث التعليقات
أحمد الرماح | أبو الأيتام
عدنان بن محمد الفــدّا | أبو الأيتام
أحمد الرماح | ماذا يعني التميز بالعمل الخيري؟
سعود العثمان | أبا راشد قد أتعبت من بعدك
عبدالمنعم الدوسري | بدايات إطعام