الشغف، الريادة، الإستدامة، زكاة الفكر، التجديد والمعاصرة، الإبداع، التخصصية، المهنية والإحترافية، توريث القيادات، الأثر المجتمعي، أفضل الممارسات، وغيرها من الكلمات والعبارات والتي بدونها، يصبح العمل الخيري والإجتماعي محض أعمال روتينية لا حياة بها وشجرة ذات أغصان ميتة وهزيلة.
فأول أبجديات التميز بالعمل الخيري والإجتماعي هو الشغف والولع وتقديم هذا العمل على النفس والمال والمسارعة لنيل السؤدد كما قال جل شأنه “وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض”. يجب أن نتعامل مع هذا العمل النبيل كما يتعامل أحدنا مع إبنه المريض الذي لا يقر له قرار حتى يشفى ويتمتع بالصحة والعافية. وإن لم يستحوذ هذا العمل على جميع حواسنا، فإننا لسنا في قاموس هذا الولع!
ولعل الريادة والتسابق لنيل الذرى الشامخة والتسيّد في هذا المضمار الأثير، هي ما جعلت سلفنا الصالح يقدموا أنفسهم رخيصة مقابل هذه السلعة الغالية، فسلعة الله هي الجنة.
ومن مندوحات الحياة ومكنونات التمكين أن يكون العمل مستداما ومستمرا ولو كان قليلا. فقليل دائم خير من كثير منقطع. ولهذا، إستمرت مؤسسات خيرية وتعليمية عريقة منذ مئات السنين حول العالم ولا ننسى بهذا المضمار بئرا أوقفه عثمان بن عفان فصار أقدم وقف مدر يستفيد منه بشر كثر ما دامت الحياة قائمة فكان ذلك عنوان الإستدامة وموئل الإستمرار.
وتأتي زكاة الفكر كعامل أثير من عوامل التميز بالعمل الخيري فهذا النوع من الزكاة مهم كأهمية زكاة المال. فإن لم يتواص الخيّرون على تبادل الخبرات وإعطاء الآراء الحصيفة والإيغال بالتشبيك الخيري، فلن تتلاقح حينئذ الأفكار ويصبح العمل حينها ضربا من ضروب الإنعزال والتشظّي الذي لا يخدم الأمة.
أما التجديد والمعاصرة والإبداع، فهي ترياق العمل وسر دوامه. فمن لا يتقدم يتقادم ومن لا يتجدد يتبدد. فإرثنا ومكنوناتنا العقدية تقتضي السعي الدؤوب في مضمار التحديث والنأي عن الرتابة السامجة والتي تقضي على حماسة الأمة وتحيلها إلى إندثار.
ومن أرجى عوامل الصعود للقمة والتربع على عرش التميز هو التخصص والنأي عن التشتت. فالأمم التي تقود العالم الحاضر نجحت بتقليص الشتات والتركيز على عوامل التميز والإسثمار بها لأقصى حد. فالتركيز والتؤدة وعدم حرق المراحل، هي كوامن نجاح وسؤدد فالمنبّت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.
ولعل من أبرز التحديات التي تحول دون التميز بالعمل الخيري والمجتمعي هو التقصير بتوريث القيادات وإعتبار هذه المهمة ثانوية مما يعيق العمل ويحيله إلى فردية مقيتة تسحق دونها كل مبادرة خلاّقة وأخّاذة. فالمؤسسة التي لا تهتهم بتعريف الصف الثاني وتجهيز الصف الثالث ستتقادم وتندثر.
ويظل قياس الأثر المجتمعي ومعرفة تأثير المبادرات على كافة أطياف المجتمع أمرا لا مناص منه فهو المجس الذي من خلاله نقيس حرارة المجتمع تجاه ما نقدم وإرتفاع ضغطه حماسة معنا أو إنخفاضه ضجرا من هزال ما نعمل.
ويبقى التطلع لأفضل الممارسات وجوب الشرق والغرب وحرث الأرض بحثا عن أفضل مضمار وأرقى معيار ونقل إيجابيات تجارب الآخرين والتخلص من السلبيات المصاحبة لأي عمل، أفضل عربون وفاء نقدمه لوطننا وأمتنا التي تنتظر منا المزيد والمزيد.
وأخيرا وليس آخرا، يظل الإخلاص سيد التميز وإكسيره الأبدي فمن لا يخلص، يوما ما سيفضح ستاره وتبلى أعماله. فقد لخّص أحد السلف الأمر فقال (قل لمن لا يخلص لا تتعب)!
فهذه كلمات وخواطر جال بها فؤادي ونفحتها لكم عن ألفبائيات التميز ومكنوناته السرمدية. أدامكم الله متميزين ولأمتكم خادمين،،،،
أخي الكريم / م.أحمد الرماح
موقعك جميل، من حيث المحتوى والتصميم
غير أن الملاحظةالتي أراها هي استخدام خط غير قياسي للمواد النصية، فقراءة المقالات تغدو متعبة
حبذا لو استخدمت خطاً اعتيادياً من خطوط النسخ ليكون أيسر للقراءة
أبشر