بقلم/ أحمد بن صالح الرماح
ترك أعرابي ناقته مفلوتة وبدون عقال فلما سأله الرسول عليه الصلاة والسلام عن ذلك قال أنه متوكل على الله فرد عليه الرسول “إعقلها وتوكل”. فمبدأ التوكل على الله مبدأ راسخ في عقيدتنا ولكن هذا التوكل يتطلب عملا وجهودا مضنية وليس المقصود به الإتكال وترك الأخذ بالأسباب.
أودعنا هذا الأسبوع ثلاثة من فلذات أكبادنا في قبورهم بسبب حوادث أليمة فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. وفي كل مرّة نشهد حادثا مريعا نقول “هذا يومه” وكأن هذه الجملة أصبحت مانعا لنا من الأخذ بالأسباب.
نعاني جميعا من نزيف يومي يأكل الأخضر واليابس فلا يكاد يسلم بيت واحد من هذا الغول حيث يموت أكثر من 7661 شخص في العام أضافة الى اكثر من 38 ألف اصابة جسيمة بسبب الحوادث المرورية. وقد قدرت الاحصاءآت ان هناك 27 حالة وفاة بسبب الحوادث المرورية لكل 100 ألف نسمة بالمملكة مما يضعنا من ضمن الدول ذات المستوى الأعلى عالميا.
وتعتبر الحوادث المرورية أيضا السبب الرئيسي للوفاة للفئة العمرية حتى 30 سنة. وتقدر تكلفة هذه الحوادث اكثر من 20 مليار ريال سنويا خصوصا اذا علمنا إلى أن ما يقارب ثلث أسرّة المستشفيات يشغلها أشخاص خرجوا بإصابات مختلفة من حوادث الطرق.
أيها السيدات والسادة، إليكم الإحصائيات المرعبة التالية لسنة واحدة:
• عدد الحوادث 526,429 حادث
• عدد المصابين 37,530 شخص
• عدد المتوفين 7661 شخص (يجب ان تحسب الوفيات الى فترة شهر بعد الحادث لذا أن الصورة أقسى من ذلك بكثير فالإحصاءات الرسمية لا تعبر بدقة عن حجم المشكلة كونها لا تدخل في حساباتها من يموت أثناء تلقي العلاج، فعدد الوفيات المسجل رسميا يشمل الأشخاص الذين يلقون حتفهم مباشرة في موقع الحادث، وعليه فقد توصلت تلك الدراسة إلى أن نحو ضعف المسجل رسميا يموتون سنويا بعد اعتبار من يموت في المستشفيات )
• معدل نسبة الحوادث لكل 100,000 نسمة : 2094 حادث
• معدل نسبة المصابين لكل 100,000 نسمة : 146 نسمة
• معدل نسبة المتوفين لكل 100,000 نسمة : 27 نسمة
• معدل نسبة المتوفين لكل 100,000 في اليابان: 5 نسمة
وقد تنادى المصلحون لوضع حد لهذا المارد الجامح فخرجوا بمؤتمرات وورش عمل وتم تشكيل اللجان المختلفة والتي تفرعت إلى لجان كثيرة ولكن الحوادث في إزدياد ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكحلّ جذري مقترح، دعوني آخذكم معي إلى هذا الحلم الجميل:
نحلم بمبادرة ستساهم بتخفيض الحوادث بشكل جذري إن شاءالله وهي عبارة عن “شريحة وقف النزيف” والتي تقوم بمتابعة جميع الحركات والتصرفات أثناء القيادة. فعند تشغيل السيارة، سيتم التأكد من ربط حزام الأمان. سوف لن تعمل السيارة في حالة عدم ربط الحزام. وتتواصل الشريحة تلقائيا مع الخرائط الذكية ليتم التعرف على سرعة الطريق المسموحة وعلامات قف وأكتاف الطريق. ففي حالة عدم الوقوف عند علامة قف سيتم إصدار صوت تنبيهي لذلك ويتم تسجيل نقاط مخالفة يتم الإتفاق عليها. وعندما يتم المشي على كتف الطريق لأكثر من المسافة المجازة وقت الحاجة سيتم تسجيل ذلك (الإ إذا كان هناك إستثناء: حادث أو تحويله أو ما شابه ذلك). أما سرعة الطريق فيتم موائمتها مع الخرائط الذكية لتستشعر الشريحة ذلك في أي مكان وتقوم بالتسجيل تلقائيا. أما إشارات المرور فتعمل الشريحة تلقائيا مع توقيت هذه الإشارات فيتم تسجيل قاطعي الإشارات دون الحاجة لكاميرات. أما تحديث الشريحة فيتم تلقائيا ودوريا وعبر نظام حاسوبي مرن. وفي حالة العبث المتعمد بالشريحة، يتم إلتقاط ذلك ومعاقبة المسيئين تلقائيا. وسيتم تركيب الشريحة وجهاز المتابعة الخاص بها في مكان آمن بالسيارة لا يتأثر بالعوامل الجوية وخلاف ذلك.
أما التطبيق فكان سلسا كسلاسة الحرير فالسيارات الجديدة يتم تركيب الشريحة بها في الوكالة قبل البيع. أما السيارات الموجودة فيتم إستدعائها لتركيب الشريحة في مدة يتم الإتفاق بشأنها. وتعطي الشريحة (بروفايل) كامل عن مجمل الحركة لملاك السيارات كما ستعطيهم سجل النقاط الذي سيكون كالتالي:
• 25 نقطة: مخالفات إنذارية غير محسوبة.
• 50 نقطة: مخالفات محسوبة.
• 75 نقطة: مخالفات تخوّل إدارة المرور بسحب الرخصة.
• 100 نقطة: محالفات يستحق صاحبها السجن.
وتم إعطاء فترة تجريبية لمدة شهر لجميع المستخدمين (وذلك بعد نشر هذا التطبيق بجميع وسائل الإعلام ولمدة كافية من الزمن) كي يتعلموا جميع هذه المفاهيم قبل الشروع بالتطبيق الفعلي. وحتى لا يكون التطبيق (جبائيا)، فسيتم تنبيه صاحب المركبة أثناء القيادة بصوت أو ضوء يحدد نوعية المخالفة كي لا يتم الإصرار عليها وإرتكابها ومن ثم تسجيلها.
وكان الحلم جميلا، حيث تم تخصيص عوائد المشروع كوقف خيري لعلاج مصابي الحوادث المرورية ودعم مراكز الإعاقة الناتجة عن ذلك.
أيها القرّاء الأعزاء، كان هذا حلم جميل ونسأل الله أن يكون رؤية وليس أضغاث أحلام.
أتمنى أن يتم فرض فكرة “شريحة وقف النزيف” أو مثيلاتها من الأفكار كما أوصي بالتشدد في إختبار رخصة القيادة ورفع السن القانوني للحصول على هذه الرخصة.
فهل نتكاتف جميعا قبل أن نقول “هذا يومه”؟ ف”هذا يومه” لا ينافي “أعقلها وتوكل”. كفاكم الله شر الحوادث.
أحدث التعليقات
أحمد الرماح | أبو الأيتام
عدنان بن محمد الفــدّا | أبو الأيتام
أحمد الرماح | ماذا يعني التميز بالعمل الخيري؟
سعود العثمان | أبا راشد قد أتعبت من بعدك
عبدالمنعم الدوسري | بدايات إطعام